القاهرة، 26 مارس 2014: نظّم بنك التنمية الأفريقي ندوة عالية المستوى بفندق فور سيزونز فيرست ريزيدنس بالجيزة للبحث عن حلول فعالة لتعزيز سبل التكامل الإقليمي بين مصر ودول الكوميسا، وكذلك فرص النمو والتحديات داخل القارة الأفريقية، مع استعراض كيفية مشاركة البنك الإفريقي للتنمية في طرح خدمات مالية وغير مالية. كما تم خلال الندوة استعراض الدراسة المكلفة من قبل البنك عن “سبل تعزيز التجارة البينية والاستثمار بين مصر ودول الكوميسا”.
هذا وقد شارك في الندوة أكثر من 70 مسئولاً بارزاً من المجالس التصديرية المصرية، وكبرى البنوك والوزارات المعنية من بينهم سعادة السفير / محمد الحمزاوى – مساعد وزير الخارجية المصري لشئون دول حوض النيل، والسيد / علاء البهي- رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات ماس فودز، والسيد/ وليد هلال- رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الهلال والنجمة الذهبية، والسيد/ أيمن عيسى- رئيس مجلس الأعمال الأثيوبي المصري ومجموعة جولدن ستار كابيتال بأثيوبيا، والسيد / كريم صادق- المدير التنفيذي لمجوعة القلعة ومدير العمليات لمنطقة أفريقيا.
كما شهدت الندوة أيضاً حضوراً كبيراً من قبل العديد من الخبراء المحليين، والاقليمين والدوليين لمناقشة مختلف الفرص والتحديات التي تحول دون تحقيق النمو المرجو في حجم التجارة والاستثمارات بين مصر ودول الكوميسا.
وبدأت الندوة بالكلمة الافتتاحية للسيدة / ليلى المقدم – الممثل المقيم لبنك التنمية الإفريقي بمصر، والتي قالت فيها “إن مصر تعمل على تعزيز علاقاتها مع جذورها الأفريقية لفتح آفاق تجارية وجيو سياسية جديدة، وستظل مصر دولة رائدة في مجال التصدير البيني للدول الأعضاء في الكوميسا، حيث تستحوذ على 26.8% من إجمالي التجارة بين الدول الأعضاء وتأتي كينيا في المرتبة الثانية بين الدول الأعضاء، وتعّد مصر أكبر جاذبة للاستثمار المباشر الأجنبي بين الدول الأعضاء في الكوميسا.”
واستطردت المقدم تصريحاتها قائلة ” إننا نعتقد أن بوسع مصر أن تستفيد بشكل أكبر من خلال التركيز على زيادة التبادل التجاري بينها وبين البلدان الأفريقية المجاورة، بدلاً من الاعتماد على أسواق التصدير التقليدية، وينبغي أن تستفيد من النمو الأفريقي الذي حدث على مدى العقود الماضية، لأن مصر وحتى الآن لم تستفد من الإمكانات الكامنة في السوق الأفريقية، فيما يتعلق بالصناعات المحلية والموارد الطبيعية.”
كما أضافت “يتعين على مصر أن تواصل الاستفادة من علاقاتها مع أفريقيا بوجه عام، وبدول الكوميسا بوجه خاص، ويكفي الإشارة هنا إلى أن حركة التجارة والصادرات المصرية إلى الدول الأفريقية قد زادت من 200 مليون دولار إلى 2.4 مليار دولار أمريكي بين عامي 2002/ 2012 وتمثل صادرات مصر إلى الدول الأعضاء في الكوميسا 8% من إجمالي حجم الصادرات.”
إن الهدف من الكوميسا هو تعزيز التكامل الإقليمي بالتوازي مع تحقيق الإزدهار الاقتصادي، واليوم، أصبح هذا السوق الكبير يضم 19 دولة عضو داخل هذا الكيان، تغطي أراضيها مساحة 12 مليون متر مربع، وتحّقق استيراداً سنوياً بين أعضائها بقيمة 32 مليار دولار أمريكي، في حين وصل إجمالي التصدير السنوي إلى 82 مليار دولار أمريكي.
وتتمثل التحديات الثلاثة الرئيسية التي تم تحديدها في إطار دراسة ” تشجيع التجارة بين مصر ودول الكوميسا” في: تحسين حركة النقل والخدمات اللوجستية، وتطوير التمويل التجاري، وإيجاد أساليب حديثة لتسويق الصادرات.
وفيما يتعلق بـ النقل والخدمات اللوجستية، والبنية التحتية وتكاليف النقل العالية؛ فقد ظلت هذه الأمور بمثابة عقبات رئيسية تعترض طريق الصادرات المصرية والأفريقية على حد سواء، ولكي يتسنى تغيير هذا الأمر، يتوّجب ضخ الجزء الأكبر من الاستثمارات في هذه المنطقة نحو تحسين الطرق؛ مثل الطريق السريع الذي يربط بين الإسكندرية وكيب تاون، ومد خطوط السكك الحديدية، وتحسين النقل النهري.
وبالنظر إلى الوقت الطويل والتكاليف الباهظة التي تُنفق لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في تلك المجالات الثلاثة، توصي الدراسة بالتركيز على النقل البحري، والاستفادة من الممر الواصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، والذي من شأنه أن يعود بالنفع على دول شمال وجنوب شرق أفريقيا معاً من خلال توفير ممر اقتصادي يمكن استخدامه بيسر. كما يجب أن يكون من ضمن الأولويات للنهوض بمستوى الخدمات اللوجستية التي من المفترض أن تقدمها الموانئ على طول الممر، إذ أنها ليست مجهزة بالكامل لخدمة أعداد كبيرة من السفن الأفريقية، وعلاوة على ذلك، لا تملك أفريقيا شركات لتقديم خدمات متكاملة للشحن، والتي من شأنها أن تسهل إلى حد كبير من التصدير والاستيراد، وهو ما يسهم في تعزيز التكامل الإقليمي.
وكحل لهذه المشكلة، توصي الدراسة بالاستفادة بإنشاء خط شحن خاص بـ “أفريقيا وحدها” لتقديم خدمات النقل والشحن، بحيث يمهد الطريق أمام الصادرات المصرية إلى دول الجنوب، وكذا الصادرات الأفريقية إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق قناة السويس. وفي نفس السياق، تقترح الدراسة تطوير الموانئ على الممر من خلال إنشاء معابر ترانزيت لتقديم التسهيلات اللوجستية والتعبئة وذلك لتعظيم القيمة المضافة للمنتجات كما جاء في كلمة الممثل المقيم لبنك التنمية الإفريقى بمصر.
والتحدي الثاني الذي ألقت الدراسة بالضوء عليه كان يتعلق بإجراءات السداد، وبخاصة التي تتعلق بفتح خطابات الائتمان، وكذا صعوبة توفير العملات الأجنبية في العديد من الدول الأفريقية، ومحدودية التسهيلات التأمينية، كما لاحظت البنوك وجود عامل المخاطرة وكذلك القصور المعرفي بالأسواق والثقافات الأفريقية.
ولتصحيح هذا الوضع، تدعو الدراسة إلى إنشاء “شبكة البنوك الأفريقية” التي تنفذ برامج للتسهيلات الائتمانية الدوارة من خلال إبرام تعاقدات متبادلة ويتم تسويقها بشكل حصري داخل البنوك الوطنية الأفريقية المشتركة في الشبكة.
أما التحدي الثالث فيتعلق بمعرفة الأسواق وآليات تسويق الصادرات، والتي تشّكل الحواجز الجمركية والإدارية والبيروقراطية عائقاً أمامها، كما بدا من الدراسة مشكلة أخرى أيضاً تتعلق بتفضيل التجار الأفارقة للبضائع المتوفرة في الأسواق، عن الحصول على البضائع من خلال السير في طريق فتح خطابات الاعتماد، علاوة على قلة وجود آليات للاستفادة من التجارة الإلكترونية، كما تلاحظ وجود صعوبة في الوصول إلى شركاء تجاريون موثوق بهم في أفريقيا.
وللتغلب على ذلك، توصي الدراسة بإنشاء قاعدة بيانات للتجار الأفارقة، بحيث توفر البنوك المشاركة في شبكة البنوك الأفريقية بيانات تفصيلية عن عملائها الذين يستحقون الحصول على ائتمان.
وقد مهّدت الندوة الطريق أمام إرساء استراتيجية للحوار بين رجال الأعمال المصريين والبنوك، والسلطات الحكومية، بهدف تطوير آفاق التعاون في مجال التكامل الإقليمي لخلق أسواق جديدة متخصصة ودعم التجارة البينية الأفريقية.
وكانت الندوة أيضاً بمثابة فرصة لاستعراض الاستراتيجيات والبرامج المقدمة من البنك الإفريقي للتنمية والخاصة بخيارات التمويل؛ لتسهيل الوصول إلى التكامل الإقليمي الذي يقوم على أربعة ركائز تتمثل في: تكامل الأسواق، والتمويل التجاري، والبنية التحتية والتنمية الصناعية. وبهذه المناسبة، يجدد بنك التنمية الأفريقي تعهده بدعم التحول الذي تشهده مصر حالياً وتقديم المساعدات التنموية للحكومة المصرية في شكل قروض ومنح للقطاعات الحيوية.